روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات تربوية واجتماعية | كيف أعامل ابنتي حتى تحترمني.. وتشعرني بأني أمها

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات تربوية واجتماعية > كيف أعامل ابنتي حتى تحترمني.. وتشعرني بأني أمها


  كيف أعامل ابنتي حتى تحترمني.. وتشعرني بأني أمها
     عدد مرات المشاهدة: 2158        عدد مرات الإرسال: 0

السؤال: لدي ابنة كبرى وأخوها التوأم عمرهما تسع سنوات، وأختهما الأصغر منهما عمرها أربع سنوات، ورضيع عمره أربع أشهر.

مشكلتي مع ابنتي الكبرى أنها لا تحترمني، وترفع صوتها علي، ولا تصدق كلامي، وتعاملني وكأنني أنا إبنتها لا أمها، ومع أنني أتعامل معها بأسلوب الحوار، إلا أنها تظهر انزعاجها من كلامي ومن حواري معها، وأحاول أن لا أضربها إلا نادرا.

وحين أضربها لا تنزل من عينيها إلا دمعة واحدة فقط، ومشكلتي الثانية معها أنها تتعبني بكثرة شرودها ونسيانها، فتبدأ بشيئ وتتلهى عنه بشيء آخر، وتنجز العمل الصغير ويأخذ منها وقتا طويلا، وتشتكي من كثرة خيالها، مع أنها تكون مسرورة بذلك أحيانا.

وأحيانا أخرى أشعر بأنها منزعجة قليلا، كذلك هي كثيرة الشجار مع إخوتها، وتغار من أخيها التوأم كثيرا، وتنتقد أختها الصغيرة باستمرار، وعلى الرغم من ذلك هي تحبني وتخاف علي، كما أنها متفوقة جدا في مدرستها وفي حفظها للقرآن الكريم، فكيف أتعامل معها أرشدوني وجزاكم الله خيرا

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

أختي السائلة الكريمة والأم المربية الفاضلة مرحبًا بك في موقعك المسلم، ونسعد دائمًا برسائلك وأسئلتك، وأرجو من الله العلي القدير أن يوفقني للإجابة عما تسألين عنه.

أما عن مشكلتك فهي تتكرر داخل بيوت كثيرة، فنحن اليوم صرنا نعاني من فقدان الحوار بيننا وبين أبنائنا وأزواجنا وذوينا، لأسباب كثيرة لا يسمح المجال هنا لذكرها، ولكنني سألخص مشكلتك في أمور وهي:

- فقدانك لاحترامك وهيبتك أمام ابنتك الكبرى، وتمردها وعدم طاعتها لك كأم.

- تدهور أسلوب التواصل والحوار بينك وبينها، مع سعيك للنجاح في ذلك.

- امتلاكها لخيال واسع، وعدم تركيزها في إنجاز أعمالها، وسوء إدارتها للوقت.

- قوة شخصيتها وارتفاع قيم الكرامة وعزة النفس لديها عالي جدًّا.

- شدة غيرتها وخلافاتها المتعددة والمتكررة مع باقي إخوتها.

أما الحلول التي أقدمها لمشكلتك فتتلخص كذلك في أمور أساسية وهي:

أولا: حاولي أن تفهمي مقومات شخصية ابنتك حتى تنجحي في الطريقة والأسلوب الصحيح للتعامل معها، في ضبط ما تتمتع به من صفات إيجابية أو سلبية، وتوجيه الخاصية الأساسية التي تميِّزها وهي الذكاء اللامع، والشخصية القيادية، والخيال الواسع المبدع، التوجيه الصحيح والرشيد، حينها ستشرق هذه الشخصية إشراقا مبهرا، مع التغاضي عن أخطائها، وزلات لسانها، ومساندتها نفسيا ومعنويا، واحتوائها بحنانك وحبك وثنائك عليها ومدحك لمحاسنها ولتصرفاتها الإيجابية، وإرشادك لها بالكلمة الطيبة الحلوة المذاق التي تداعب مشاعرها، ويكون لها وقع مؤثر وجذاب عليها.

ثانيا: سلوك ابنتك إنما هو انعكاس طبيعي لتصرفاتك وتصرفات والدها، فأنتما المرآة التي ترى من خلالها الشخصية الإنسانية بجانبها المظلم والمشرق، فاظهري أمامها بصفاء المرآة ونقائها، فأنتما معا تقدمان لها ولأطفالكم نموذجا راقيا لزوجين ناجحين في علاقتهما، قدوة في أقوالكما، وتصرفاتكما، لأن كل ما يصدر عنكما ينعكس على شخصية كل فرد داخل هذه الأسرة التي تتحملان مسؤولية رعايتها وتوجيهها، فاعملا معا على أن تزرعا الاحترام بينكما والمودة والرحمة والأخلاق والقيم العالية، وتوفير السكن الحقيقي لتأهيل أبناء تفتخرون بهم ويفتخر بهم المجتمع في المستقبل.

ثالثا: لا تتعاملي مع ابنتك بعمرك وفهمك وأسلوبك وطباعك وذوقك واختياراتك، لأنها ما زالت في عمر الزهرة الندية، والبرعم الصغير، فدعيها تتفتح على الحياة وينضج سلوكها وتفكيرها بصورة صحيحة، وبما ينسجم مع المرحلة العمرية التي تمر بها، ويوافق طبيعة شخصيتها القيادية والمتمردة، وما تحمله بداخلها من أفكار وأحاسيس هي ما زالت في طريق النمو وعدم الاستقرار، وتعاملي معها بحضن كبير يلفها بالحنان والحب والدفء، وضعي يديها الصغيرتين بين يديك وقبليها وداعبي خصلات شعرها وجسمها الصغير، واجعليها تتعلم منك كيف يكون الحب كلمات وأفعال ومواقف وحركات، وكيف تكون الأم هي الأخت والصديقة التي تحتويها بكل ما فيها، وتمتص كل غضبها وردات أفعالها، من تفهم مشاعرها وأحاسيسها، وتنصت لصوتها حين يعلو صراخا، ولهدوئها حين تصمت، وحين تسرح بفكرها وخيالها وأحلامها الصغيرة، كما تتحرك بداخلها.

رابعا: ألزميها احترامك ليس قسرا ولا جبرا ولا قهرا، إنما بفهمك وتطبيقك لدينك، ولقيمك التي تربيت عليها في المدرسة المحمدية، فتثبتي أمامها قوة شخصيتك حين ينبع منها ينبوع الأخلاق أقوالا وأفعالا، وحين تكوني صادقة مع الله فترى هذا الصدق يتدفق أمامها في شكلك ومظهرك وجوهرك، وفي عقلك وقلبك وجوارحك، وقتها ستشعر بالأمان معك وأنك أم تستحق الاحترام والتقدير والفخر، كما تستحق البر والطاعة، لأنك علمتها ما معنى الحق والواجب، وما معنى العدل والإنصاف في الالتزام بالدين والأخلاق والأعراف الاجتماعية.

خامسا: ألِّفي بينها وبين أخيها التوأم وسائر إخوتها، حين تعاملي الكل بميزان العدل والمساواة في العطاء والحب، وأداء الحق والواجب، وحتى قي الجزاء والعقاب، وحين تخصصي لهم جميعا الرعاية الكافية، فأنت المعلمة والمربية وأنت المدرسة التي تؤهل وتعلم وتربي وتهذب.. وأنت من تملكين زمام أمور إدارة بيت فيه أربعة أطفال صغار، وأنت القيادة الرشيدة لهؤلاء، وأنت صوت الضمير الذي يدوي بداخلهم، وأنت السلطة التي تحكمهم وتؤلف بينهم جميعا بالترغيب تارة والترهيب تارة أخرى.

سادسا: وطدي علاقتك بابنتك وسائر أولادك باللعب والتنزه، ومشاركتهم في ممارسة الأنشطة المحببة إليهم، واستثمار طاقاتهم، وتوظيف إمكاناتهم وإبداعاتهم ومواهبهم فيما يغذي أرواحهم وأجسامهم الفتية، فقد يكون من أسباب عصيانها وتمردها وشجارها مع إخوتها... طول مدة عزلتها وانطوائها على نفسها، تسبح في عالم الخيال الرحب، فاعملي على تنمية مهارات خيالها في الكتابة والرسم وتمثيل أدوار قصص تقرأها.

سابعا: قوِّمي طريقتها في الحديث والحوار، ولا تلتفتي لكل ما تتلفظ به من لفظ سيء، ولا تضعيها في مواقف تستفزها وتلزمها أمورا بالقوة، والعنف، والضرب، إنما علميها من خلال وجودك اليومي معها أسلوبا راقيا في الحديث واختيار الألفاظ الجميلة وتخزينها في ذاكرتها الصغيرة بتكرارها في حديثك معها ومع زوجك وأولادك، كما يمكنك أن تقوي لغة أطفالك وتحسنيها بطرق ومهارات ذكية، كأن تضعي داخل بيتك لوحة المحاسبة، فتسجلي أمامهم جدولا بأسمائهم وتضعي لكل إسم عمودان أو منحنيان أحدهما للكلام السيئ والآخر للكلام الحسن، وتجعلي جزاء وعطاء لكل من يحصل منهم على أعلى نقاط للكلام الحسن، من هنا ستدرك طفلتك أن الجزاء من جنس العمل ومن جنس القول، ويمكنك أن تستفيدي بهذا الشأن من الكتب والمجلات المتخصصة، حتى تثقفينفسك وتؤهليها لأداء مهمتك في التربية بنجاح وتنمية مهارات طفلتك وتصحيح لغتها وتصرفاتها.

وفي الختام: أنصحك أيتها الأم الفاضلة أن تعززي ثقة طفلتك بك وأشعريها دائما بأن لها شخصيتها المستقلة، فلا تطلبي منها أن تكون نسخة متكررة منك أو من قريناتها، بل احترمي كيا نها المستقل، ومشاعرها، وهمومها، ورغباتها، وأخلاقها، وذكاءها وفطنتها، وخيالها، وأحلامها، وآمالها، ونجاحها في دراستها، وأشعريها بقيمتها المعنوية بينإخوتها وقريناتها، وتقبلي دائما أخطاءها بهدوء وحكمة وتوجيه رشيد، وصبر وتضحية فأنت موطن ذلك ومنبعه الصافي.

الكاتب: صفية الودغيري

المصدر: موقع المسلم